سنة الحياة .. وبطولة الرجال
للشيخ العامل أبو يحيي الليبي حفظه الله
في الوقت الذي يتكالب فيه أعداؤنا، أعداء ملتنا وديننا وعلى قدر شراسة حربهم لعقيدتنا، وعلى ضخامة الكيد المصوب للإسلام وأهله .. على قدر ذلك كله، لابد أن يكون الفداء لهذا الدين والتضحية من أجل الانتصار له ..
ومن ركام الغفلة الذي ناءت بثقله أمتنا انطلق ليوث الإسلام وجند التوحيد يصدون هذا الكيد ويواجهون هذا المكر ويقفون بالمرصاد لكل كفور عنيد وطاغية عتيد ..
انطلقوا وقد جعلوا من أنفسهم الفداء ومن أرواحهم ثمن العزة ومن سواعدهم السد المنيع الذي يحول دون نفوذ مخططات الأعداء، فكانت لهم صولات وصولات كم انتصروا فيها للحرمات، وتغيظت بها صدور الكافرين، وشفيت صدور المؤمنين، وفي خضم هذه المعارك فارقَنا أحبة كرام، دينهم التوحيد والطاعة، شيمتهم العزة والوفاء، وخلقهم الصبر والسماحة، سجيتهم التبتل والدعاء، مضوا عنا بعد أن حمَّلونا مسئولية هذا الدين، وكتبوا وصيتهم بالأحمر القاني: إياكم أن ينال من دين الله وفيكم عين تطرف، الله الله في الحرمات، لا يهنأ لكم عيش حتى تروا شرعة الرحمن تحكم العباد ..
وفاح عبير الوصية يشحذ الهمم، ويقوي العزائم، ويؤرق الجفن الناعس، ويؤنب القلب الغافل، ويزجر المثبط اليائس، فأكرمْ بهم من رجال، وأنعمْ به من ختام، وما أجلها من وصية ..
وما زال الطريق طويلا، يحتاج إلى المزيد من الرجال
r=green]]فهل تجيب أمة الإسلام؟[/size]
هي الأقدار يجريها القدير وعمر المرء ساعات تسير
وباب الموت غاية كل حيٍّ سيدخله الغني أو الفقير
فعش ما شئت إن الموت كأسٌ سيشربه الصغير أو الكبير
وأحبب من تشاء فإن يوما إلى فقدانه حتما تصير
فقد مات الرسول عليه صلى وسلم ربنا وهو البشير
وأصحابٌ له عاشوا كراما فكل أمورِ ذي الدنيا تدور
فكن ذا همةٍ واغش المنايا إذا ما صاح للحرب النذير
فلا جبنُ الجبان أطال عمرا ولا عمرُ الشجاع بها قصير
وكن في ساحة الهيجا صبورا فإن الصبر يعقبه السرور
قريبا قد مضى منا رجالٌ وقد ضمت رفاتَهم القبور
رجالٌ قد أبوْا عيشا ذليلا وحالا ليس يرضاها الخبير
فقالوا: ما الحياة بظل حكم به قد عم شرٌّ مستطير؟
وحبٌ للجنان علا قلوبا وحورٍ قد كساهن الحرير
كما قد طلقوا الدنيا ثلاثا فهبوا عندما جاء النفير
وخاضوا في الدُّجى حربا ضروسا وقالوا من هنا يُرجى النشور
فلم يألوا لأمر الدين جهدا بسعيٍ صادقٍ ما فيه زور
فكانوا كالشموع تذوب لكن لمن مَنْ حولها ضوءا تنير
أبا سفيان هل حقا مضيتم بصحبة يوسف وكذا عُمَيْر
وموسى الليث معْ عبد المهيمنْ كذاك عطية نعم العشير
ستبكيكم سهولٌ في جبالٍ كما تبكي لفقدكم الثغور
ويبكيكم رجالٌ هم ليوثٌ ولا لومٌ لذاك ولا نكير
فقد كنتم على الأعدا سيوفا وإذا سُلت لهم هامٌ تطير
وتبكيكم بلادٌ قد علاها خؤونٌ مجرمٌ ذَنَبٌ حقير
فإن كنا سنصبر عن فراقٍ فصبر فراقكم أمرٌ عسير
ولكن إن فقدناكم بساحٍ فذكراكم لنا نعم العبير
فهل ننسى مجالسكم وكانت بها تبدو السكينة والحبور
وهل تُنسى لياليكم وكلٌ ركوعٌ أو سجودٌ أو سحور
فلن تمضي دماؤكمُ هباءً سنذكرها فيزداد السعير
ومهما يقتل الأعداء منا فإن لنا عزائم لا تخور
ولكن نمتلي وغْرا وغيظا فتُشفى بالقتال لنا صدور
فمهلا يا حماة الكفر مهلا فإن الله مولانا النصير
#
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين