منتديات محترف الهامل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات محترف الهامل

قمة الاحتراف والابداع


5 مشترك

    أدبُنا الضاحك

    hamada dz
    hamada dz
    نائب المدير
    نائب المدير


    الاوسمة : أدبُنا الضاحك 081229103150nMkm
    عدد المساهمات : 989
    نقاط : 13315
    السٌّمعَة : 10
    تاريخ التسجيل : 15/02/2010
    العمر : 28

    جديد أدبُنا الضاحك

    مُساهمة من طرف hamada dz الخميس مارس 25, 2010 7:47 am

    أدبنا الضاحك

    يعتبر الشعب العربي من أكثر شعوب العالم تعلقاً بالنادرة وحباً للضحك.. فهذا الحطيئة عندما لم يجد يوماً إنساناً يهجوه ضاق عليه ذلك فأنشأ يقول :

    أبت شفتاي اليوم إلا تكلما === بشرٍّ ، فما أدري لمن أنا قائله



    وعندما رأى وجهه منعكس على صفحة الماء في البئر قال :

    أرى لي وجهاً شوّه الله خلقه === فقبِّح من وجه وقبح حامله



    إن هجاء الشاعر لنفسه يعتبر من صميم الأدب الضاحك ولو قاله في غير نفسه لما كان له هذا الأثر الضاحك في النفس .

    ويعرض لنا في هذا الفصل الكثير من الأمثلة التي تدل على إقبال النبي الكريم وصحبه على المزاح والدعابة وكذلك يورد الكثير من الآراء المعارضة التي تحذر من المزاح والهزال والدعابة ثم يحاول التوفيق بينهما والاعتدال فيهما.. يقول سعيد بن العاص :
    " اقتصد في مزاحك، فالإفراط به يذهب البهاء، ويجري عليك السفهاء، وتركه يقبض المؤانسين، ويوحش المخالطين ".


    طبعا لن أكرر هنا ما سبق ونقلته في مواضيع سابقة ككتاب (السخرية في الأدب العربي) ولن أقف بالتفصيل عند كل فصل من فصول الكتاب الذي يعدد أشهر مضحكو العرب فجميعنا نعرف أنهم أشعب وأبو دلامة وأبو العيناء وجحا وكذلك أهم من كتب الأدب الساخر كالمعلم الأول في هذا الفن (الجاحظ) والمعري في رسالته وغيرهما ..

    فهذا كله سبق وتكلمنا عنه كثيراً لذلك سأجمع من هذا الكتاب فقط ما مر به من طرف وفكاهات وقصص ساخرة كانت بالأساس مدفونة بين طيات الكتب الأدبية القديمة مما يحفزنا على العودة إليها وقراءتها ...



    • قالت امرأة لأشعب: هب لي خاتمك. قال: لماذا؟ قالت : لأذكرك به. قال: اذكريني بأنك طلبته مني فمنعتك، فالمنع أحب إلي .

    • سأل أشعب صديقاً له: لماذا لا تدعوني أبداً إلى طعامك؟ فقال الرجل: لأنك شديد المضغ، سريع البلع، إذا أكلت لقمة هيأت أخرى. فصاح به أشعب: جعلت فداك تريد إذا أكلت لقمة أن أصلي ركعتين ثم أعود إلى ما بعدها؟

    • جلس أشعب مرة يقص على أحد الأمراء قصصاً مسلية. وجاء الطعام، فحضرت المائدة، وكان أشعب قد بدأ يقص حكايته فقال: كان أيها الأمير رجل.. عندما أبصر المائدة، وعلم أن القصة ستلهيه عن الطعام، نظراً لطولها فسكت. فقال الأمير: وماذا بعد يا أشعب؟ فقال: ومات ..

    • دخل أبو دلامة على أم سلمة (زوجة أبي العباس السفاح) فعزاها به. وبكت معه. ثم أنشدها شعراً .. فقالت أم سلمة: لم أر أحداً أصيب به غيري وغيرك يا أبا دلامة. فقال: لم يصب به أحد سواي.. أنت لك ولد منه تتسلين به وأنا لا ولد لي منه.. فضحكت، ولم تكن منذ مات أبو العباس ضحكت وقالت له: لو حدثت الشيطان لأضحكته .

    • سمع أبو العيناء رجلاً يقول: "مذهبي الجمع بين الصلاتين" فقال له: "صدقت تجمع بينهما بتركهما ".

    • وسئل مرة: "ما تقول في فلان وفلان؟" فأجاب: "هما كالخمر والمسر، إثمهما أكبر من نفعهما ".

    • وقال له ابن الجهم: "يا فاجر". فقال: "وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه ".

    • أعطاه أحد الوزراء دابة، ولم يرسل إليه علفها. ولما التقيا قال : " أيها الوزير، هذه الدابة أحملتني عليها، أم حملتها علي؟ "

    • اعتنق أحدهم الاسلام فولي الوزارة، فصار أبو العيناء إلى بابه، فقيل له : "إنه يصلي". فقال : " إنه معذور.. لكل جديد لذة ".

    • قدمت له قِدْر، فوجدها كثيرة العظام، فقال : " أهذه قدر أم قبر؟ ".

    • مر يوماً على دار عدوٍ له فقال: ما خبر أبي محمد؟ قالوا : كما تحب. قال: فما لي لا أسمع الصياح والعويل؟

    • خاصم علوياً فقال له العلوي: تخاصمني وأنت تقول كل يوم: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد؟ فقال: ولكن أقول: الطيبين الطاهرين.. ولست منهم .

    • هبت يوماً ريح شديدة، فأقبل الناس يدعون الله ويتوبون، فصاح جحا: يا قوم لا تعجلوا بالتوبة، إنما هي زوبعة وتسكن .

    • قيل لبخيل: من أشجع الناس؟ قال: من سمع وقع أضراس الناس على طعامه، ولم تنشق مرارته .

    • قال بعض البخلاء لغلامه: هات الطعام وأغلق الباب. فقال : يامولاي هذا خطأ، إنما يقال: أغلق الباب وهات الطعام فقال له: أنت حر لوجه الله لمعرفتك بالحزم .

    • خاصمت امرأة زوجها في تضييقه عليها وعلى نفسه فقالت : والله ما يقيم الفأر في بيتك إلا لحب الوطن، وإلا فهو يسترزق من بيوت الجيران .

    • ادعى النبوة رجل أيام المتوكل، فلما حضر بين يديه قال له: أنت نبي؟ قال: نعم. قال: فما الدليل على صحة نبوتك؟ قال: القرآن العزيز يشهد بنبوتي في قوله تعالى: إذا جاء نصر الله والفتح. وأنا اسمي نصر الله. قال: فما معجزتك؟ قال : ايتوني بامرأة عاقر أنكحها تحبل بولد يتكلم في الساعة ويؤمن بي. فقال المتوكل لوزيره الحسن بن عيسى: أعطه زوجتك حتى نبصر كرامته. فقال الوزير: أما أنا فأشهد أنه نبي الله.. وإنما يعطي زوجته من لا يؤمن به. فضحك المتوكل وعفا عنه .

    • تنبأ رجل في زمن المنصور فقال له: أنت نبي سفلة فقال: جعلت فداك، كل نبي يبعث إلى شكله .

    • ادعى رجل النبوة في البصرة، فأتي به إلى سليمان بن علي مقيداً فقال له: أنت نبي مرسل؟ قال: أما الساعة فإني نبي مقيد .

    • حكي أنه تنبأ رجل في خلافة المأمون فقال له: ما انت؟ قال انا نبي. قال: فما معجزتك؟ قال: سل ما شئت . وكان بين يديه قفل فقال: خذ هذا القفل فافتحه. فقال له: أصلحك الله لم أقل أني حداد.. قلت إني نبي .

    • أخذ رجل ادعى النبوة أيام المهدي، فأدخل عليه فقال له: أنت نبي؟ قال: نعم. قال: وإلى من بعثت؟ قال: أوتركتموني أذهب إلى أحد؟ ساعة بعثت وضعتموني في الحبس .

    • ادعت امرأة النبوة على عهد المأمون، فأحضرت إليه، فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا فاطمة النبية. فقال لها المأمون: أتؤمنين بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم، كل ما جاء به فهو حق. فقال لها المأمون: قال محمد صلى الله عليه وسلم: لا نبي بعدي. قالت: صدق عليه الصلاة والسلام، فهل قال: لا نبية بعدي؟ فقال المأمون لمن حضره: أما أنا فقد انقطعت ، فمن كانت عنده حجة فليأت بها. وضحك حتى غطى على وجهه .

    • ذهب رجل مولع بالكلمات المتقعرة إلى مزرعة له، وكان راكباً فرسه ووراءها مهرها. ففقدهما وخرج يسأل عنهما، فمر بخياط فقال: يا ذا النصاح وذات السم الطاعن بها في غير وغى لغير عدى، هل رأيت الخيفانة القباء يتبعها الحاسن المسرهف، كأن غرته القمر الأزهر، ينير في حصره كالخلّب الأجرز؟ فقال الخياط: اطلبها في تزلخ. فقال: ويلك، وما تقول قبحك الله، فما أفهم رطانتك. فقال الخياط: لعن الله أبغضنا لفظاً وأخطأنا منطقاً .

    • جاء رجل يعود نحوياً مريضاً، فقال له: ما الذي تشكوه؟ قال: حمى جاسية، نارها حامية، منها الأعضاء واهية، والعظام بالية. فقال له: لا شفاك الله بعافية.. يا ليتها كانت القاضية .

    • قدم على ابن علقمة النحوي ابن أخ له فقال له: ما فعل أبوك؟ قال: مات. قال: وما فعلت علته؟ قال: ورمت قدميه. قال: قل قدماه. قال: فارتفع الدم إلى ركبتاه. قال: قل ركبتيه. فقال: دعني يا عم، فما موت أبي بأشد علي من نحوك هذا ...

    • لقي نحوياً رجلاً من أهل الأدب، وأراد أن يسأل عن أخيه، وخاف أن يلحن فقال: أخاك أخيك أخوك هنا؟ فقال الرجل: لا، لي، لو.. ما هو حضر .

    • صلى أعرابي خلف إمام فقرأ : " إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه". ووقف عندها وجعل يرددها حتى سئم الأعرابي من الوقوف فقال له: أرسل غيره يرحمك الله وأرحنا وأرح نفسك ...

    • صلى أعور خلف إمام فقرأ: "ألم نجعل له عينين؟" فقال الأعور: لا والله بل عيناً واحدة .

    • أتت جارية إلى أبي ضمضم فقالت: إن هذا الفتى قبلني. فقال لها: قبليه.. فإن الله يقول : " والجروح قصاص ".

    • قرأ إمام: ولا الظالين بالظاء المعجمة، فرفسه رجل من خلفه. فقال الإمام: آه ضهري. فقال له الرجل: يا كذا وكذا.. خذ الضاد من ضهرك، واجعلها في الظالين، وأنت في عافية.. وكان الراد عليه طويل اللحية .

    • عن محمد بن خلف قال: مر رجل بإمام يصلي بقوم فقرأ: ألم غلبت الترك.. فلما فرغ قلت: يا هذا، إنما هو غلبت الروم. فقال: كلهم أعداء، لا نبالي من ذكر منهم .

    • حضر أعرابي على مائدة بعض الخلفاء. فقدم جدي مشوي. فجعل الأعرابي يسرع في أكله منه . فقال له الخليفة أراك تأكله بحرد كأن أمه نطحتك. فقال: أراك تشفق عليه كأن أمه أرضعتك ..

    • صلى أعرابي في جماعة فقرأ الإمام: "قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا، فمن يجير الكافرين من عذاب أليم" فقال الأعرابي: أهلكك الله وحدك .. أيش كان ذنب الذين معك؟ فقطع القوم الصلاة من شدة الضحك .

    • سمع أعرابي قارئاً يقرأ: "الأعراب أشد كفراً ونفاقاً" فقال: لقد هجانا ربنا. ثم بعد ذلك سمعه يقرأ: "ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر". فقال: لا بأس هجاء ومدح .

    • قال الأصمعي: حج أعرابي فدخل مكة قبل الناس، وتعلق بأستار الكعبة وقال: اللهم اغفر لي قبل أن يدهمك الناس .

    • وقال الأصمعي أيضاً: سمعت أعرابياً وهو يقول في الطواف: اللهم اغفر لأمي. فقلت له: مالك لا تذكر أباك؟ فقال: أبي رجل يحتال لنفسه، وأما أمي فبائسة ضعيفة .



    · قال أحمق للشعبي: ما تقول أصلحك الله في رجل شتمني أول يوم من رمضان؛ هل يؤجر؟ قال: إن كان قال لك يا أحمق فإني أرجو له .

    · جاء رجل من جيران جحا إليه بكتاب ليقرأه لهم، فعسرت قراءته عليه، ولم يعرف شيئاً مما فيه. فقال له جحا: من أين جاءك هذا الكتاب؟ فقال: من مدينة حلب. فقال جحا: صدقت، لأجل هذا ما عرفت أن أقرأه لأني لا أعرف القراءة بالحلبي .

    · دخل يزيد بن منصور الحميري على بشار بن برد وهو واقف بين يدي المهدي ينشده شعراً. فلما فرغ من إنشاده، أقبل عليه يزيد وقال: ما صناعتك يا شيخ؟ فقال له: أثقب اللؤلؤ فضحك المهدي وقال لبشار: أغرب، ويلك.. أتتنادر على خالي؟ قال بشار: وما أصنع به؟ يرى شيخاً أعمى قائماً ينشد الخليفة مديحاً فيقول له: ما صناعتك؟

    · مر بعضهم بامرأة قاعدة على قبر وهي تبكي، فقال لها: ما هذا الميت منك؟ قالت: زوجي قال: وما كان عمله؟ قالت: كان يحفر القبور. قال: أبعده الله.. أما علم أنه من حفر حفرة وقع فيها؟

    · كان المتنبي بخيلاً جداً. مدحه إنسان بقصيدة فقال له: كم أمّلت بنا على مدحك؟ قال: عشرة دنانير قال له: والله لو ندفت قطن الأرض، بقوس السماء، على جباه الملائكة، ما دفعت لك دانقاً .

    · خرج جماعة من بني غفار ومعهم رجل مغفل فأصابتهم ريح في البحر أيسوا معها من الحياة، فأعتق كل واحد منهم مملوكاً أو مملوكة. فقال ذلك الرجل : اللهم إنك تعلم أنه ليس لي مملوك ولا مملوكة، ولكن امرأتي طالق طلقة واحدة لوجهك الكريم .

    · سأل رجل جحا: أيهما أفضل يا جحا: المشي خلف الجنازة أم خلفها؟ قال: لا تكن على النعش وامش حيث شئت .

    · خرج رجل إلى السوق يشتري حماراً، فلقيه صديق له فسأله؟ فقال إلى السوق لأشتري حماراً. فقال: قل إن شاء الله. فقال: ليس ها هنا موضع إن شاء الله، الدراهم في كمي، والحمار في السوق. فينما هو يطلب الحمار سرقت منه الدراهم، فرجع خائباً، فلقيه صديقه. فقال: ما صنعت؟ فقال: سرقت الدراهم إن شاء الله. فقال له صديقه: ليس ها هنا موضع إن شاء الله .

    · ماتت جارية لرجل، فلما دفنها قال: لقد كنت تقومين بحقوقي، فلأكافئنك، اشهدوا علي بأنها حرة .

    · دعت أبا الحارث حبيبة له، فحادثته ساعة فجاع، فطلب الأكل. قالت له: أما في وجهي ما يشغلك عن الأكل؟ قال: جعلت فداك، لو أن جميلاً وبثينة قعدا ساعة لا يأكلان، لبصق كل منهما في وجه صاحبه وافترقا .

    مرض رجل مرة، فلما اشتد به المرض أمر بجمع العيدان والطنابير والمزامير إلى بيته، فأنكروا عليه ذلك، فقال: إنما فعلت ذلك لأني سمعت أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه شيء من آيات الملاهي والفجور، فإن كان ملك الموت من الملائكة دفعته عني بهذه الأشياء .

    · غصب رجل رجلاً شيئاً وتصدق به، فقيل له في ذلك، فقال: أخذي إياه سيئة، وصدقتي به عشر حسنات، فمضت واحدة وبقيت لي تسع .

    · سرقت نعل عامر بن عبد الله الزبيري، فلم يتخذ نعلاً حتى مات. وقال: أكره أن أتخذ نعلاً ، فلعل رجلاً يسرقها فيأثم .

    · كتب المنصور إلى زياد بن عبد الله الحارثي أن يقسم مالاً بين القواعد والعميان والأيتام. فدخل عليه أبو زياد التميمي، فقال: أصلحك الله. اكتبني في القواعد. فقال له: عافاك الله، القواعد هن النساء اللواتي قعدن عن أزواجهن فقال : اكتبني في العميان. قال: اكتبوه فيهم، فإن الله يقول: "فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور". قال أبو زياد: واكتب ابني في الأيتام. قال: نعم من كنت أباه فهو يتيم .

    · سُرق خُرْجٌ من رجل فقيل له: لو قرأت عليه آية الكرسي ما سرق . فقال: إنه كان فيه مصحف كامل .

    * دُعي ابن حجاج إلى طعام مع جماعة من الضيفان، فتأخر عنهم الطعام، فقال: لصاحب الدعوة :

    يا ذاهباً في داره آتياً === من غير ما معنىً ولا فائدة
    قد جُنّ أضيافك من جوعهم === فاقرأ عليهم سورة المائدة

    · قال الأصمعي: أضفت أعرابياً. فلما أكلنا، قلت: يا جارية، أطعمينا تيناً، فنسيته. فقلت للأعرابي بعد ساعة: أتحسن شيئاً من القرآن؟ قال: نعم . فقلت: اقرأ. فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، والزيتون وطور سينين، فقلت: وأين التين؟ قال: نسيته أنت وجاريتك؟

    · قال المتوكل لأبي العيناء: إن سعيد بن عبد الملك يضحك منك . فقال أبو العيناء: إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون .

    · أحس ابن الرومي بالسم، وهو في مجلس الوزير القاسم بن عبد الملك فقال. فقال الوزير الذي دس له السم: إلى أين تذهب؟ قال: إلى الموضع الذي وجهتني إليه. قال القاسم: سلم على والدي. فقال ابن الرومي: ليس طريقي على النار .

    · روى ابن المزرع أن شخصاً حدثه بقوله : رأيت قبراً بالشام مكتوباً عليه: "لا يغترنّ أحد بالدنيا، فإني ابن من كان يطلق الريح إذا شاء ويحبسها إذا شاء". وبحذائه قبر آخر مكتوب عليه: "كذب اللعين، لا يظن أحد أنه ابن سليمان، إنما هو ابن حداد، كان يجمع الريح في الزق، ثم ينفخ بها الجمر". قال: فما رأيت قبرين قبلهما يتشاتمان .

    * قال ابن الرومي يهجو عمر بن عيسى، وهو من الهجاء الساخر الضاحك :

    وجهك يا عمرو فيه طول === وفي وجوه الكلاب طول
    وأنت من أهل بيت سوء === قصتهم قصة تطول
    وجوههم للورى عظات === لكن أقفاءهم طبول
    مستفعلن فاعلن فعول === مستفعلن فاعلن فعول
    بيت كمعناك ليس فيه === معنىً سوى أنه فضول





    من أبرز أغراض الهجاء تجسيم عيوب النفس والخلق، وهذا التجسيم يجعل من المهجو صورة هزلية ضاحكة مضحكة. لنستمع إلى شاعر يصف أنف أحدهم :
    لك أنف ذو أنوف === أنفت منه الأنوف
    أنت في القدس تصلي === وهو في البيت يطوف

    وآخر يصف رجلاً ذا أنف ضخم :
    لك وجه وفيه قطعة أنف === كجدار قد أدعموه ببغله
    وهو كالقبر في المثال ولكن === جعلوا نصبه على غير قبله

    وللبهاء زهير أيضاً هجاء وسخرية بالمرأة :
    فلانة من تيهها === تَغَصّ بها مقلتي
    وقد زعمت أنها === وليست بتلك التي
    فلا وجه إن أقبلت === ولا ردف إن ولتِ

    ومن أطرف الهجاء الضاحك للمرأة ما رواه صاحب المستطرف :
    لها جسم برغوث وساق بعوضة == ووجه كوجه القرد بل هو أقبح
    وتبرق عينيها إذا ما رأيتها === وتعبس في وجه الضجيع وتكلح
    لها منظر كالنار تحسب أنها === إذا ضحكت في أوجه الناس تلفح
    إذا عاين الشيطان صورة وجهها === تعوذ منها حين يمسي ويصبح

    أحب العرب والمسلمون اللحية واحترموا أربابها وعنوا بتمشيطها وترجيلها وخضبها، واعتبروها مظهراً من مظاهر الوقار، وشعاراً من شعارات رجال الدين. ولأنهم أحبوها هذا الحب، وقدسوها هذا التقديس، كرهوا من يستغلونها ويوارون جهلهم وسوء خلقهم خلفها، كما هو الحال اليوم وفي كل يوم. من أجل هذا نجد في شعر الأقدمين سيلاً من الشعر يسخر من اللحية، ويتفكه بأصحابها، فينعتهم حيناً بالغباء وحيناً بالحمق والجهل .


    فهذا ابن الرومي يهجو لحية أحدهم :
    إن تَطُلْ لحية عليك وتعرض === فالمخالي معروفة للحمير
    علّق الله في عذاريك مخلا === ة ولكنها بغير شعير
    لو غدا حكمها إلي لطارت === في مهب الرياح كل مَطِير
    ألقها عنك يا طويلةُ أولا === فاحتسبها شرارة في السعير
    لحية أهملت فسالت وفاضت === فإليها تشير كف المشير
    فاتق الله ذا الجلال وغيّر === منكراً فيك ممكن التغيير
    أو فقصّر منها فحسبك منها === نصف شبر علامة التذكير
    لو رأى مثلها النبي لأجرى === في لحى الناس سنة التقصير
    واستحبّ الإخفاء فيهن والحلق === مكان الإعفاء والتوفير

    وللبهاء زهير قصيدة من أطرف ما قيل في التهكم باللحى والسخرية منها :
    وأحمق ذي لحية === كبيرة منتشرة
    طلبت فيها وجهه === بشدة فلم أره
    معروفة لكنه === أصبح فيها نكره
    ثورٌ غدا أعجوبةً === بلحية مدوره
    لو كان ذاك الثور عجـ === ـلاً عبدته السّمِره
    تباً لها من لحية === كبيرة محتقرة
    عظيمة لكنها === ليست تساوي بقره
    كم قرية للنمل في === حافاتها ومقبره
    يُقسم عُشْر عشرِها === يكفي رجالاً عشرة
    يحسدها الخنزير إذ === يبصرها منتشره
    ويشتهي لو أنه === يملك منها شعره
    قد نبتت في وجهه === فوق عظام نخره
    كأنها سحابة === فوق البلاد ممطره
    قد تركت صاحبها === منها بحال منكره
    إذا خطت أقدامه === كانت بها مبعثره
    وإن مشى رأيت فو === ق الأرض منها غبره
    مضحكة ما كان قط === مثلها لمسخره
    فلو مضى السوق بها === وزفّها بالمزمره
    لحصلت له مثـ === ـل ضيعة موقره

    البخل اكبر مطعمن يتناوله الشعراء للنيل من خصومهم، ولعله يفوق الطعن بالحسب والنسب.. لنستمع إلى جرير وهو يهجو خصومه بني تغلب فيقول :
    قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم === واستوثقوا من رتاج الباب والدار
    قوم إذا استنبح الضيفان كلبهم === قالوا لأمهم بولي على النار
    فتمنع البول شحّاً أن تجود به === وما تبول لهم إلا بمقدار

    ولنقرأ هذه المبالغة الضاحكة يرسلها ابن الرومي في بخل عيسى بن منصور :
    يقتّر عيسى على نفسه === وليس بباقٍ ولا خالد
    فلو يستطيع لتقتيره === تنفس من منخر واحد

    وهذا الشاعر دعي إلى عرس فقتّر أصحابه على ضيوفهم وبخلوا بخلاً شديداً فوصف عرسهم بقوله :
    مات في عرس سليمان === من الجوع جماعه
    مات اقوام وقوم === عُلّموا فيه القناعه
    لم يكن ذلك عرساً === إنما كان مجاعه

    وهذا الماجن أبو نواس يهجو الفضل لبخله :
    رأيت الفضل مكتئباً === يناغي الخبز والسمكا
    فأسبل دمعه لما === رآني قادماً وبكى
    فلما أن حلفت له === بأني صائم ضحكا

    وهذا الشاعر جعل مهجوّيه يصلون بلا أذان خشية أن يسمع صوتهم الضيوف :
    تراهم خشية الأضياف خُرْساً === يصلّون الصلاة بلا أذان

    وهذا شاعر يصف خبز رجل وكيف يبالغ في حفظه وإخفائه :
    إن هذا الفتى يصون رغيفاً === ما إليه لناظر من سبيل
    هو في سفرتين من أدم الطا === ئف ، في سلتين، في منديل
    في جراب ، في جوف تابوت موسى === والمفاتيح عند ميكائيل

    وهذا شاعر يقول :
    ارفع يمينك من طعامه === إن كنت ترغب في كلامه
    سيان كسر رغيفه === أو كسر عظم من عظامه

    وهذا شاعر يقول في هجاء بخيل :
    أمن دار الكلاب تروم عظماً؟ === لقد حدّثت نفسك بالمحال

    ولنستمع إلى الحمدوني وهو يصف بخل أبي زرارة.. إنه وصف ضاحك مضحك، ولا سيما حين ينكر حقوق والديه عليه، اذا ما حضر الطعام :
    رأيت أبا زرارة قال يوماً === لحاجبه وفي يده الحسام
    لئن وُضع الخُوان ولاح شخص === لأختطفنّ رأسك والسلام
    فقال: سوى أبيك فذاك شيخ === بغيض ليس يردعه الكلام
    فقام وقال من حَنَق عليه === ببيت لم يرد فيه القيام :
    أبي وابنا أبي والكلب عندي === بمنزلة إذا حضر الطعام
    وقال له : أَبِنْ لي يا ابن كلب === على خبزي أصادر أو أضام؟
    إذا حضر الطعام فلا حقوق === علي لوالديّ ولا ذمام
    فما في الأرض أقبح من خوان === عليه الخبز يحضره الزحام





    التهكم شبيه بالهجاء إلى حد بعيد، ولكنه أشد مرارة من الهجاء أحياناً. إنه يحمل طابع السخرية، والسخرية تثير الضحك أكثر من الهجاء، لأن الهجاء يغلب عليه طابع الجد، ويبدو فيه كثير من الحقد، والرغبة بالتشفي. ولكن التهكم ليس فيه هذا الحقد، أو أنه على الأقل، لا يبدو فيه هذا الحقد.. إنه يحمل طابع السخرية، والسخرية لا تحتاج إلى شتم وسب وإقذاع. بينما الهجاء، في شتى أغراضه لا يستقيم ولا يؤدي الغاية المطلوبة ، اذا لم يكن فيه شتم ولذع وتجريح .
    والتهكم فن لا يجيده ولا يتقنه إلا الأذكياء، البارعون في التعبير عن الكلمة بحذق ولباقة وذكاء... بينما الهجاء لا يعوزه التركيز على الكلمة، واختيار المعاني الناعمة الجارحة في آن واحد، كما هو الحال في التهكم .
    والتهكم كما قلنا اكثر ضحكاً وإضحاكاً. وفي الأمثلة التي سنوردها دليل صادق على ما نقول :



    تخاصمت امرأة مليحة مع زوجها، فذهبت إلى القاضي الشعبي، فحكم لها على زوجها، وعلم المتوكل الليثي بالأمر، فأنشأ يقول متهكماً بالقاضي الوقور :
    فُتن الشعبي لما === رفع الطرف إليها
    فتنته ببنان === وبخطّيْ حاجبيها
    فقضى جوراً على الخصـ === ـم ولم يقض عليها
    كيف لو أبصر منها === نحرها أو ساعديها؟
    لصبا حتى تراه === ساجداً بين يديها
    وقد شاع أمر هذه الأبيات وتناقلها الناس، وافتضح أمر الشعبي، فاضطر إلى اعتزال القضاء .

    ويقول كشاجم في التهكم وهجاء طبيب يدعى عيسى :
    عيسى الطبيب ترفق === فأنت طوفان نوح
    يأبى علاجك إلا === فراق جسم لروح
    شتان ما بين عيسى === وبين عيسى المسيح
    فذاك محيي مُواتٍ === وذا مميت الصحيح

    ويتهكم البهاء زهير برجل عاد مريضاً وهو ثقيل الظل :
    وعائد هو سقم === لكل جسم صحيح
    لا بالإشارة يدري === أو بالكلام الصريح
    وليس يخرج حتى === تكاد تخرج روحي

    روى صاحب "جمع الجواهر في الملح والنوادر" أنه كان ببغداد طبيب اسمه نعمان لا ينجح مريض على يديه، فقال فيه بعض الشعراء :
    أقول لنعمان وقد ساق طبه === نفوساً نفيسات إلى داخل الأرض
    أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا === حنانيك بعض الشر أهون من بعض

    أما أبو الشمقمق الشاعر الذي عانى الفقر والبؤس، وعضه الجوع أحياناً، فقد تهكم بفقره، وسخر من بؤسه، وضحك من الدهر، وأضحك الآخرين معه، وإن كان قد أثار شفقتهم، وآلمهم وحز في قلوبهم. يقول أبو الشمقمق :
    برزت من المنازل والقباب === فلم يعسر على أحد حجابي
    فمنزلي الفضاء وسقف بيتي === سماء الله أو قطع السحاب
    فأنت إذا أردت دخلت بيتي === عليّ مسلماً من غير باب
    لأني لم أجد مصراع باب === يكون من السحاب إلى التراب
    ولا خفت الإباق* على عبيدي === ولا خفت الهلاك على دوابي
    ولا حاسبت يوماً قهرماني* === محاسبة فأغلِظ في الحساب
    وفي ذا راحة وفراغ بال === فدأب الدهر ذا أبداً ودابي
    * الإباق: الفرار
    * من يتولى الإنفاق .

    كان أبو نواس خارجاً من دار الخلافة فتبعه الرقاشي الشاعر وقال له: أبشر أبا علي إن الخليفة قد ولاك في هذه الساعة ولاية. قال أبو نواس: وما هي، ويلك؟ قال الرقاشي : ولاك على القردة والخنازير. قال أبو نواس: إذن فاسمع وأطع .

    قيل لأشعب: لو أنك حفظت الحديث كحفظك هذه النوادر، لكان أولى بك. فقال: قد فعلت. قالوا له: فماذا حفظت من الحديث؟ قال: حدثني نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من كان فيه خصلتان كتب عند الله خالصاً مخلصاً. قالوا : إن هذا حديث حسن؛ فما هاتان الخصلتان؟ قال: نسي نافع واحدة، ونسيت أنا الأخرى .

    أهدى صديق إلى ابن نباتة تمراً ولكن من النوع الرديء، فبعث إليه هذين البيتين وفيهما دعابة رقيقة :
    أرسلت تمراً، بل نوىً فقبلته === بيد الوداد فما عليك عتاب
    وإذا تباعدت الجسوم فودنا === باق ونحن على "النوى" أحباب

    ومن ألطف الدعابات ما رواه الحصري في ذيل زهر الآداب، فقد روى أن اللصوص دخلوا دار أبي سعيد، وأخذوا كل ما فيها، فلما خرجوا تبعهم، وهو يحمل بعض ما تركوه. فقالوا له: إلى أين يا رجل؟ وماذا تريد؟ قال: لم تُبقوا لي شيئاً في داري، فخرجت وراءكم لأقيم بداركم.. فضحكوا منه وردوا عليه متاعه .

    ماتت حمادة بنت علي بن عبد الله بن عباس، فصار المنصور إلى شفير قبرها ينتظر الجنازة. وكان أبو دلامة حاضراً، فقال: ما أعددت لهذه الحفرة يا أبا دلامة؟ فقال: عمة أمير المؤمنين يؤتى بها الساعة .

    قيل لمخنث: كم ورثت أختك من زوجها؟ قال: أربعة أشهر وعشراً. يريد العدة .

    خرج الحجاج يوماً للتنزه، فلما فرغ من نزهته صرف عنه أصحابه، وانفرد بنفسه، فإذا هو برجل من بني عجل، فقال له: من أنت أيها الشيخ؟ قال: من هذه القرية، قال: كيف ترون أعمالكم؟ قال: شر عمال، يظلمون الناس ويستحلون أموالهم. قال الحجاج: فكيف قولك في الحجاج؟ قال: لم يتولّ العراق شر منه، قبحه الله وقبح من ولاه. قال الحجاج : أتعرف من أنا؟ قال الرجل : لا. قال: أنا الحجاج. فقال الرجل: جعلت فداك، أوتعرف من أنا؟ قال الحجاج: لا. فقال : أنا فلان بن فلان، مجنون بني عجل، أُصرع في كل يوم مرتين. فضحك الحجاج وأمر له بصلة .

    مرّ أعرابي وفي يده رغيف برجل في يده سيف، فقال: بعني هذا السيف بهذا الرغيف. قال الرجل: أمجنون أنت؟ فقال الأعرابي: ماذا أنكرت مني؟ انظر أيهما أحسن اثراً في البطن؟

    قال سائل لأبي نواس: هَبْ لي هذه الجبة. فقال: لا أملك غيرها. قال السائل: إن الله تعالى يقول: "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ". فقال أبو نواس: هذه الآية نزلت في شهر تموز في حق أهل الحجاز، ولم تكن نزلت في شهر كانون في حق أهل بغداد .

    ومن طريف الشعر الماجن الضاحك ما قاله ابن المعتز حين سأله رجل: كيف يستطيع أن يعشق جارية قبيحة الوجه :
    قلبي وثاب إلى ذا وذا === ليس يرى شيئاً فيأباه
    يهيم بالحسن كما ينبغي === ويرحم القبح فيهواه
    إن هذا المنطق شبيه بالنادرة التي تروى عن برناردشو حين حضر حفلة خيرية راقصة فقام يرقص مع عجوز قبيحة وحين سئل في ذلك أجاب: ألسنا في حفلة خيرية؟

    بينما معاوية بن مروان بن الحكم واقف بدمشق ينتظر عبد الملك أخاه على باب طحان، وحماره يدور بالرحى، وفي عنقه جلجل (جرس كبير) قال للطحان: لم جعلت في عنق هذا الحمار جلجلاً؟ قال: ربما أدركتني سآمة أو نعسة، فإذا لم أسمع صوت الجلجل علمت أن الحمار قد توقف، فصحت به ليمشي. قال معاوية: أفرأيت إن توقف ثم هز رأسه هكذا وهكذا، وجعل يحرك رأسه يمنة ويسرة، فما يدريك أنه متوقف؟ قال الطحان: ومن لي بحمار بعقل مثل عقل الأمير؟

    رؤي أعرابي يغطس في البحر، ومعه خيط، كلما غطس عقد عقدة. فقيل له : ما هذا الذي تفعله؟ فقال: جنابات الشتاء أقضيها في الصيف .

    قرع قوم على الجاحظ بابه، فخرج صبي فسألوه: ما يصنع؟ فقال: هوذا يكذب على الله. قيل: كيف؟ قال : نظر في المرآة فقال: الحمد لله الذي خلقني فأحسن صورتي .

    قيل إن أبا نواس دخل ذات يوم على صديق له وكان بخيلاً جداً، فوجده محموماً وجاء إليه طبيب لعيادته. فقال الطبيب: إن هذا المريض لا يبرأ من هذه الحمى إلا إذا عرق عرقاً شديداً. فقال أبو نواس: إذا أردتم أن يعرق صاحبكم بسرعة، فكلوا بين يديه طعاماً من بيته فإنه يعرق عرقاً شديداً ويشفى .

    قيل إن أبا نواس هجا إسماعيل بن سهيل بقصيدته التي مطلعها :
    خبز إسماعيل كالوشـ === ـي إذا ما انشق يرفا
    وبقصائد أخرى كثيرة، كلها من الهجاء الغريب، ثم أتى بعد ذلك راغباً في صحبته فقال له اسماعيل: بأي وجه جئتني يا أبا نواس؟ فقال أبو نواس: بالوجه الذي ألقى به ربي، فإن ذنوبي إليه أكثر من ذنبي معك. فأعجب إسماعيل بحسن جوابه وتخلصه، وعفا عنه وعاد إلى مودته .



    الطفيليون جماعة من الناس ألفت دخول المنازل، وحضور الولائم، والحفلات والأعراس، دون دعوة. وربما دون معرفة أحد من أصحاب العرس أو الوليمة. وشعارهم في الحياة، يعبر عنه أحدهم بقوله :

    نحن قوم متى دعينا أجبنا === ومتى نُنْسَ يدعنا التطفيل
    ونقل : علنا دُعينا فغبنا === وأتانا فلم يجدنا الرسول

    نحن قوم إن جفانا النا === س ، وصلنا من جفانا
    لا نبالي صاحب الدا === ر نسينا أم دعانا

    يقول أحد الطفيليين :
    دعوت نفسي حين لم تدعني === فالحمد لي، لا لك في الدعوة
    وقلت ذا أحسن من موعد === إخلافه يدعو إلى الجفوة


    قيل لطفيلي: لا يحق لك أن تأكل من طعام لم تدع إليه. فقال: هذا خلاف قول الله تعالى حيث قال: "ليس على الأعمى حرج" إلى قوله: "ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم" إلى قوله: "أو بيوت إخوانكم". وقد قال الله عز وجل" "إنما المؤمنون إخوة ".

    خرج جماعة في سفر، فلحق بهم طفيلي، فاتفقوا على أن يخرج كل واحد منهم شيئاً للنفقة. فقال الأول: علي كذا. وقال الثاني: وعلي كذا . وقال الثالث: وعلي كذا.. فلما بلغوا الطفيلي قال لهم: وعلي.. وسكت. فقالوا: أي شيء عليك؟ قال: لعنة الله. فضحكوا منه وأعفوه من النفقة .

    غاضبت مصعب بن الزبير زوجه عائشة بنت طلحة، فاشتد ذلك عليه، وشكا أمره إلى خاصته. فقال له أشعب: فما لي اذا هي كلمتك؟ قال: عشرة آلاف درهم. فأتى إليها فقال: يا ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم تفضلي بكلام الأمير، فقد استشفع بي عندك، وأجزل لي العطية إن أنت كلمته. قالت: لا سبيل إلى ذلك يا أشعب. وانتهرته. فقال: جعلت فداك. كلميه حتى أقبض عشرة آلاف درهم، ثم ارجعي إلى ما عودك الله من سوء الخلق. فضحكت فقامت فصالحته .

    وكان لأشعب جارية تدعى رشأ يتصنع عشقها ويتردد إليها. وسئل يوماً أن يصف ما في قلبه نحوها من الحب فأنشد :
    إذا كان في بطني طعام ذكرتها === وإن جعت يوماً لم تكن لي على ذكر
    ويزداد حبي إن شبعت تجدداً === وإن جعت غابت عن فؤادي وعن فكري

    مر طفيلي على قوم يتغدون، فقال: سلام عليكم يا معشر اللئام . فقالوا: لا والله بل كرام. فثنى ركبته ونزل وقال: اللهم اجعلهم من الصادقين واجعلني من الكاذبين .

    دخل طفيلي على قوم يأكلون فقال: ما تأكلون؟ فقالوا من بغضه : سُمّاً. فأدخل يده وقال: الحياة بعدكم حرام .

    سام مُزبَد المديني رجلاً في نعل. فقال صاحبها: بعشرة. فقال المديني لو كانت من جلد بقرة بني إسرائيل ما أخذتها بأكثر من درهم. فقال الرجل: لو كانت دراهمك من دراهم أصحاب الكهف ما بعتها لك .

    مر طفيلي بقوم من الكتبة في مشربة لهم، فسلم ثم وضع يده يأكل معهم . قالوا: أعرفت فينا أحداً؟ قال: نعم عرفت هذا. وأشار إلى الطعام .

    سمعت ابن الرومي يقول: خرج رجل إلى قرية، فأضافه خطيبها، فأقام عنده يوماً، فقال له الخطيب : أنا منذ مدة أصلي بهؤلاء القوم. وقد أشكل علي في القرآن بعض مواضع. فقال: سلني عنها. قال: منها في "الحمد لله" إياك نعبد وإياك... أي شيء تسعين أو سبعين؟ أشكلت علي هذه، فأنا أقولها تسعين آخذ بالاحتياط .

    كان رجل كثير المخاصمة لامرأته، وله جار يعاتبه على ذلك. فلما كان في بعض الليالي خاصمها خصومة شديدة وضربها. فأطلع عليه جاره فقال: يا هذا. إعمل معها كما قال الله تعالى: "إما إمساك ايش اسمه... أو تسريح ما أدري ايش ".

    كان أبو الحسن بن هلال، إذا أخطأ الفرس تحته يأمر بقطع علفه تأديباً له.. فإذا قيل له في ذلك، قال: أطعموه ولا تعلموه أنني علمت بذلك .

    قال رجل لرجل: قد عرفت النحو، إلا أني لا أعرف هذا الذي يقولونه: أبو فلان، وأبا فلان، وأبي فلان. فقال له: هذا أسهل الأشياء في النحو، إنما يقولون أبا فلان لمن عظم قدره، وأبو فلان للمتوسطين، وأبي فلان للرذلة .

    وحذر بعض الناس من مخاطبة غيرهم بالنحو والإعراب واستشهد بقول ثعلب إمام الكوفيين :
    إن شئت أن تصبح بين الورى === ما بين شتام ومغتاب
    فكن عبوساً حين تلقاهم === وكلم الناس بإعراب

    قيل لرجل: عندك مال، وليس لك وارث إلا أمك؛ فإن مت ورثت المال وأتلفته. فقال: إنها لا ترثني. قالوا له وكيف لا ترثك وهي امك؟ قال: لأن أبي طلقها قبل أن يموت .
    محبة الله
    محبة الله
    المشرف العام
    المشرف العام


    الاوسمة : أدبُنا الضاحك 081229103017lYfh
    عدد المساهمات : 3010
    نقاط : 14161
    السٌّمعَة : 64
    تاريخ التسجيل : 24/02/2010
    العمر : 29
    الموقع : http://www.algerei.ahlamuntada.com

    جديد رد: أدبُنا الضاحك

    مُساهمة من طرف محبة الله الخميس مارس 25, 2010 3:28 pm

    أدبُنا الضاحك Gdfgdf
    reine de la magie
    reine de la magie


    الاوسمة : أدبُنا الضاحك Member
    عدد المساهمات : 430
    نقاط : 10442
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 29/12/2010

    جديد رد: أدبُنا الضاحك

    مُساهمة من طرف reine de la magie الجمعة ديسمبر 31, 2010 1:08 pm

    mrc bcp
    sarah.1995
    sarah.1995
    مشرف
    مشرف


    الاوسمة : أدبُنا الضاحك 081229103150lt2t
    عدد المساهمات : 756
    نقاط : 11984
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 07/06/2011
    العمر : 29
    الموقع : مازال مخدمتش

    جديد رد: أدبُنا الضاحك

    مُساهمة من طرف sarah.1995 الخميس يونيو 09, 2011 4:09 pm

    أدبُنا الضاحك Df960bc9d81wm2
    التائب الخاشع
    التائب الخاشع
    مشرف
    مشرف


    الاوسمة : أدبُنا الضاحك 081229103150lt2t
    عدد المساهمات : 2195
    نقاط : 14234
    السٌّمعَة : 11
    تاريخ التسجيل : 13/10/2010
    العمر : 29
    الموقع : El Hamel

    جديد رد: أدبُنا الضاحك

    مُساهمة من طرف التائب الخاشع الأحد سبتمبر 04, 2011 9:59 am

    أشكرك من كل اعماق قلبي على مجهودك الرائع

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:33 am