قال
لي صاحبي وهو يحاورني : لقد فكرت كثيرا قبل الزواج ، ومع ذلك لم أسعد به ،
بل شقيت وعانيت سنة كاملة حتى قدر لي أن أنفصل عنها وها أنت تراني وحيدا
هائما على وجهي أخاف أن أقدم عليه مرة أخرى فأقاسي كما قاسيت و أكثر .
وضحكت
... إذ كنت أعلم بظروفه ، للصداقة الحميمية التي تربطني به ، لقد أحبها من
أول نظرة حيث التقيا ، أو ربما خيل إليه كذلك ، وعاش شهورا لا يفكر إلا
فيها ، كيف يصل إليها ، وكيف ينالها قبل أن يسبقه إليها غيره ، فهي جميلة ،
رشيقة القوام ، جذابة الحديث عذبة الصوت ، وقبل أن يعرف شيئا من طباعها أو
سلوكها ، وقبل أن يتأكد من شخصيتها أسرع إلى أهلها يطلب يدها وأجابوه إلى
طلبه فلم يكن به ما يعيبه ، وحيث أنه قد نال ما يتمنى ، وأنه سيعيش في
سعادة يحسده عليها أقرانه ، تزوجها و عاش معها في حلم جميل عدة أسابيع ثم
أفاق من حلمه وهو يرى كل أمل له يتحطم فبينهما هوة عميقة في التفكير ، هو
مثقف وهي محدودة المعلومات ، تحسب أن الزواج رحلة و متعة ، لهو و لعب ، وهو
يأخذه بجدية ويؤمن بالاستقرار ويفكر في بناء المستقبل الآمن لها و
لأولادها ، وزادت الفوارق بينهما في أساليب المعيشة و العادات و الأخلاق و
السلوك ، وأصبحت حياتهما جحيما لا يطاق ، ولم يجدا بدا من الخلاص ، وافترقا
....
سردت له ذلك ، فهز رأسه آسفا على تسرعه بادئ الأمر ، لقد تخيل
ان الحب سوف يربط بينهما برباط قوي متين أو كما توهم أن الحب وحده يصنع
المعجزات وسوف يتغلب على كل العقبات .
وأجبته : لم يكن حبا ، بل لقد
أعجبت بجمالها وبجسمها و حديثها وصوتها ، تصورت أنها ستشبع فيك الرغبة
للاستمتاع ، أردت أن تمتلك دمية جميلة تشبع غرورك وتتباهى بها أمام أقرانك ،
لم تهتم بمدى نضج شخصيتها ، أو قدرتها على التعاون و التفاهم .
ثم طلب مني أن أعينه بالمشورة ليتزوج ثانية ويضمن حياة سعيدة .
فسألته من جديد : لماذا تفكر في الزواج ؟؟
قال
: لكي أعيش في أسرة ، فالإنسان لا يستطيع أن يقضي حياته وحيدا بلا رفيق
ولا أولاد ، وهذه سنة الحياة .أجبته : فعلا هذا هو هدف كل من يتزوج ، لكي
يكون أسرة ولكن للأسف كثير من هذه الأسر لم تعرف الاستقرار ، وبعضها تفككت
أواصرها لأن كل من الزوجين وجد في شريكه صفات لم يكن يرغبها .هنا بدأنا :
كل
من الشاب و الفتاة يبحث له عن شريك في الحياة ، وكل له شخصية متشابكة
قائمة على أحداث وعلاقات ماضية وآمال وتطلعات للمستقبل فكيف يمكن له أن
يختار ؟؟ .هنا يمكن أن أقدم بعض التصورات للزواج الموفق ومنها :
الحب : الحب الحقيقي الذي لا يعتمد على الجنس أو الجمال أو المظاهر الخارجية فقط ، بل هو أقرب إلى المودة والصداقة .
التوافق : يتم بالتفاهم معا وتلتقي وجهات نظرهما في معظم الموضوعات.
التكافؤ : عدم التكافؤ في السن من بين العوامل التي تجعل من الزواج زواجا فاشلا .
النضج : فالإنسان الناضج واقعي في نظرته للحياة يواجه المشاكل و المتاعب و يقدر المسؤولية في الأمور المختلفة .
الاستقلال المادي و الاجتماعي : فلا يعتمد أحدهما على مساعدة احد حتى ولو كان الأب أو الأم بل يعيشان في حدود الإمكانات المتاحة لهما .
لكن
رغم كل ما قيل وما يقال عن الأسباب التي تؤدي إلى زواج ناجح فقد تكون في
أعماق الإنسان مشاعر دفينة لمواقف غير سارة في الماضي كأن يكون قد تعرض
لأكثر من صدمة نفسية أو عاش في أزمات عائلية .
هنا تحضرني قصة فتاة
صغيرة السن ، يشدها الحب و الميل إلى رجل يكبرها بعشرين أو ثلاثين عاما ،
أي في عمر الأب ، وتتزوجه ، فتبدأ المشاكل التي تؤدي إلى أمراض نفسية عميقة
أو فشل الحياة الزوجية لأنها في حقيقة الأمر تريد من زوجها أن يعاملها
كابنة لا كزوجة ، وما ذلك إلا أنها في طفولتها كانت شديدة التعلق بأبيها
.مثل هذه الفتاة ، علاجها يتركز في إزالة المشاعر الدفينة التي استقرت في
داخلها و التي تعاني منها ، ومحاولة إنضاج شخصيتها لتصبح قادرة على
الارتباط السليم وإقامة علاقة طبيعية مع شريكها في الحياة .بالطبع ليست
هناك حياة زوجية دون مشاكل أو خلافات ، ولكن يمكن تفادي هذه المشاكل
والخلافات لا بالغضب و الثورة و لكن برجاحة العقل و رحابة الصدر و الوعي و
الفهم وحسن التقدير .....
من بين المشاكل التي تعترض سبيل الزوجين
" الغيرة "، فهي من أخطر أعداء الحياة الزوجية ولكن ليس معنى ذلك أن
ننفيها تماما ، فلا مانع من أن تكون هناك مشاعر للغيرة ، ولكن في حدود
معقولة بحيث يكون لها أساس من الواقع أي ( الغيرة الفسيولوجية ) أو
الطبيعية .
كذلك من مخاطر الحياة الزوجية وقوع أحد الزوجين في حبائل
الشك المستمر في تصرفات شريكه فتلجأ الزوجة مثلا ، إلى البحث دائما في
خصوصيات زوجها ومراقبته في حركاته وسكناته و الإكثار من الأسئلة الحرجة حتى
تضطره إلى النفور ...
كذلك الزوج الذي يشك في زوجته فإن حياته و
حياتها تنقلب إلى جحيم لا يطاق ، وربما تكون دوافع الشك أو الغيرة لا ترجع
لأسباب حقيقية بل ربما كانت دوافع نفسية ترجع أسبابها إلى الماضي أو نتيجة
تجارب مؤلمة في الحياة العائلية السابقة أو كانت تنتج عن بعض التصرفات التي
قد تصدر عنه أو عنها بغير قصد .وللحد من آثار هذه المشاعر المدمرة ، على
الزوج و الزوجة أن يصارح كل منهما الآخر لتعود البسمة و الثقة بينهما ويعود
الأمن و الاستقرار إلى حياتهما الزوجية .وقد يقبل الفتى و الفتاة على
الحياة الزوجية ومعهما متاعبهما في الحياة مع أسرتهما السابقة ، ومعهما
همومهما وقلقهما و اضطراباتهما النفسية ، ظنا منهما أن الزواج سيخلصهما
منها و هو في الحقيقة تأويل محاد للصواب و ظن خاطئ ، فعلى كل منهما أن
يحاول التخلص منها تدريجيا بالإرادة و التعاون حتى يساعدا نفسيهما على تخطي
كل العواقب و الأزمات .
لي صاحبي وهو يحاورني : لقد فكرت كثيرا قبل الزواج ، ومع ذلك لم أسعد به ،
بل شقيت وعانيت سنة كاملة حتى قدر لي أن أنفصل عنها وها أنت تراني وحيدا
هائما على وجهي أخاف أن أقدم عليه مرة أخرى فأقاسي كما قاسيت و أكثر .
وضحكت
... إذ كنت أعلم بظروفه ، للصداقة الحميمية التي تربطني به ، لقد أحبها من
أول نظرة حيث التقيا ، أو ربما خيل إليه كذلك ، وعاش شهورا لا يفكر إلا
فيها ، كيف يصل إليها ، وكيف ينالها قبل أن يسبقه إليها غيره ، فهي جميلة ،
رشيقة القوام ، جذابة الحديث عذبة الصوت ، وقبل أن يعرف شيئا من طباعها أو
سلوكها ، وقبل أن يتأكد من شخصيتها أسرع إلى أهلها يطلب يدها وأجابوه إلى
طلبه فلم يكن به ما يعيبه ، وحيث أنه قد نال ما يتمنى ، وأنه سيعيش في
سعادة يحسده عليها أقرانه ، تزوجها و عاش معها في حلم جميل عدة أسابيع ثم
أفاق من حلمه وهو يرى كل أمل له يتحطم فبينهما هوة عميقة في التفكير ، هو
مثقف وهي محدودة المعلومات ، تحسب أن الزواج رحلة و متعة ، لهو و لعب ، وهو
يأخذه بجدية ويؤمن بالاستقرار ويفكر في بناء المستقبل الآمن لها و
لأولادها ، وزادت الفوارق بينهما في أساليب المعيشة و العادات و الأخلاق و
السلوك ، وأصبحت حياتهما جحيما لا يطاق ، ولم يجدا بدا من الخلاص ، وافترقا
....
سردت له ذلك ، فهز رأسه آسفا على تسرعه بادئ الأمر ، لقد تخيل
ان الحب سوف يربط بينهما برباط قوي متين أو كما توهم أن الحب وحده يصنع
المعجزات وسوف يتغلب على كل العقبات .
وأجبته : لم يكن حبا ، بل لقد
أعجبت بجمالها وبجسمها و حديثها وصوتها ، تصورت أنها ستشبع فيك الرغبة
للاستمتاع ، أردت أن تمتلك دمية جميلة تشبع غرورك وتتباهى بها أمام أقرانك ،
لم تهتم بمدى نضج شخصيتها ، أو قدرتها على التعاون و التفاهم .
ثم طلب مني أن أعينه بالمشورة ليتزوج ثانية ويضمن حياة سعيدة .
فسألته من جديد : لماذا تفكر في الزواج ؟؟
قال
: لكي أعيش في أسرة ، فالإنسان لا يستطيع أن يقضي حياته وحيدا بلا رفيق
ولا أولاد ، وهذه سنة الحياة .أجبته : فعلا هذا هو هدف كل من يتزوج ، لكي
يكون أسرة ولكن للأسف كثير من هذه الأسر لم تعرف الاستقرار ، وبعضها تفككت
أواصرها لأن كل من الزوجين وجد في شريكه صفات لم يكن يرغبها .هنا بدأنا :
كل
من الشاب و الفتاة يبحث له عن شريك في الحياة ، وكل له شخصية متشابكة
قائمة على أحداث وعلاقات ماضية وآمال وتطلعات للمستقبل فكيف يمكن له أن
يختار ؟؟ .هنا يمكن أن أقدم بعض التصورات للزواج الموفق ومنها :
الحب : الحب الحقيقي الذي لا يعتمد على الجنس أو الجمال أو المظاهر الخارجية فقط ، بل هو أقرب إلى المودة والصداقة .
التوافق : يتم بالتفاهم معا وتلتقي وجهات نظرهما في معظم الموضوعات.
التكافؤ : عدم التكافؤ في السن من بين العوامل التي تجعل من الزواج زواجا فاشلا .
النضج : فالإنسان الناضج واقعي في نظرته للحياة يواجه المشاكل و المتاعب و يقدر المسؤولية في الأمور المختلفة .
الاستقلال المادي و الاجتماعي : فلا يعتمد أحدهما على مساعدة احد حتى ولو كان الأب أو الأم بل يعيشان في حدود الإمكانات المتاحة لهما .
لكن
رغم كل ما قيل وما يقال عن الأسباب التي تؤدي إلى زواج ناجح فقد تكون في
أعماق الإنسان مشاعر دفينة لمواقف غير سارة في الماضي كأن يكون قد تعرض
لأكثر من صدمة نفسية أو عاش في أزمات عائلية .
هنا تحضرني قصة فتاة
صغيرة السن ، يشدها الحب و الميل إلى رجل يكبرها بعشرين أو ثلاثين عاما ،
أي في عمر الأب ، وتتزوجه ، فتبدأ المشاكل التي تؤدي إلى أمراض نفسية عميقة
أو فشل الحياة الزوجية لأنها في حقيقة الأمر تريد من زوجها أن يعاملها
كابنة لا كزوجة ، وما ذلك إلا أنها في طفولتها كانت شديدة التعلق بأبيها
.مثل هذه الفتاة ، علاجها يتركز في إزالة المشاعر الدفينة التي استقرت في
داخلها و التي تعاني منها ، ومحاولة إنضاج شخصيتها لتصبح قادرة على
الارتباط السليم وإقامة علاقة طبيعية مع شريكها في الحياة .بالطبع ليست
هناك حياة زوجية دون مشاكل أو خلافات ، ولكن يمكن تفادي هذه المشاكل
والخلافات لا بالغضب و الثورة و لكن برجاحة العقل و رحابة الصدر و الوعي و
الفهم وحسن التقدير .....
من بين المشاكل التي تعترض سبيل الزوجين
" الغيرة "، فهي من أخطر أعداء الحياة الزوجية ولكن ليس معنى ذلك أن
ننفيها تماما ، فلا مانع من أن تكون هناك مشاعر للغيرة ، ولكن في حدود
معقولة بحيث يكون لها أساس من الواقع أي ( الغيرة الفسيولوجية ) أو
الطبيعية .
كذلك من مخاطر الحياة الزوجية وقوع أحد الزوجين في حبائل
الشك المستمر في تصرفات شريكه فتلجأ الزوجة مثلا ، إلى البحث دائما في
خصوصيات زوجها ومراقبته في حركاته وسكناته و الإكثار من الأسئلة الحرجة حتى
تضطره إلى النفور ...
كذلك الزوج الذي يشك في زوجته فإن حياته و
حياتها تنقلب إلى جحيم لا يطاق ، وربما تكون دوافع الشك أو الغيرة لا ترجع
لأسباب حقيقية بل ربما كانت دوافع نفسية ترجع أسبابها إلى الماضي أو نتيجة
تجارب مؤلمة في الحياة العائلية السابقة أو كانت تنتج عن بعض التصرفات التي
قد تصدر عنه أو عنها بغير قصد .وللحد من آثار هذه المشاعر المدمرة ، على
الزوج و الزوجة أن يصارح كل منهما الآخر لتعود البسمة و الثقة بينهما ويعود
الأمن و الاستقرار إلى حياتهما الزوجية .وقد يقبل الفتى و الفتاة على
الحياة الزوجية ومعهما متاعبهما في الحياة مع أسرتهما السابقة ، ومعهما
همومهما وقلقهما و اضطراباتهما النفسية ، ظنا منهما أن الزواج سيخلصهما
منها و هو في الحقيقة تأويل محاد للصواب و ظن خاطئ ، فعلى كل منهما أن
يحاول التخلص منها تدريجيا بالإرادة و التعاون حتى يساعدا نفسيهما على تخطي
كل العواقب و الأزمات .